تحقيق: جورج رياض
حادث دير أبو فانا ومن قبله العديد من الحوادث التي وقعت في أديرة وكنائس عديدة بالإسكندرية والبحر الأحمر والمنيا... فجرت مطلب أصبح مُلحّاً لدى البعض وهو ضرورة وجود حراسة مشددة على الأديرة بالذات والتي تقع في مناطق نائية وتكون عرضة للهجوم عليها والاعتداء على حرماتها نتيجة قلة التواجد الأمني، وكذلك تشديد الحراسة على الكنائس في المناطق التي يمكن أن تتفجر بها النزاعات الطائفية بين الحين والآخر، في حين يرى البعض الآخر أن هذه الفكرة لن تنهي الاعتداءات على الأديرة ولكن من خلال العلاقة الجيدة مع المجتمع المحلي المحيط بهذه الأماكن.
"الأقباط متحدون" ناقش الفكرة وطرح رأي المؤيدين والمعارضين من خلال السطور التالية....
في البداية يقول القس عبد المسيح بسيط راعي كنيسة السيدة العذراء بمسطرد أن أحداث دير أبو فانا بملوي وبشاعتها تؤكد على حاجة الأديرة في مصر إلى حراسة شديدة من قبل قوات الشرطة خاصة أن أغلبها يقع في مناطق نائية، وأستغرب أبونا عبد المسيح من غياب الرقابة الأمنية عن دير أبو فانا خاصة أن ما حدث من العربان المجاورين في المنطقة لم يكن أول مرة ولكنه تكرار لاحتكاكات واعتداءات وقعت من قبل مرتين خلال فترة قصيرة.
ويوضح أبونا عبد المسيح بسيط أن الحراسة الموجودة على الكنائس في مصر تحتاج إلى تشديد هي الأخرى، لأن شكلها الحالي رمزي لا أكثر والجنود الذين يحرسون الكنائس إما لا يحملون ذخيرة حية أو حتى إن وجدت فهناك تعليمات لديهم بعدم إطلاق النار، وضرب مثال بما حدث في إحدى كنائس الإسكندرية حينما قام أحد الأشخاص بمهاجمة الأقباط داخل الكنيسة وقتل أحد الأفراد ولم يتدخل الأمن لإيقاف الجاني، وقيل بعد نهاية التحقيقات معه أنه مختل عقلياً!!
وحول ما إذا كانت الحراسة المشددة يمكن أن تثير مشاحنات أو تستفز المواطنين المسلمين الذين يقطنون بجوار الكنائس، يرد أبونا عبد المسيح بأنه لا يجد أي مشكلة في وجود حراسة على الكنائس مثلما يحدث أمام المساجد عند صلاة الجمعة.
من جانبه يقول نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان أن تشديد الحراسة على الأديرة أصبح أمراً في غاية الأهمية بعد تكرار الاعتداءات على دير أبو فانا بالمنيا ومن قبله الاعتداءات على دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر ودير بطمس بطريق السويس، ويرى جبرائيل أن الأديرة أصبحت هدفاً للجماعات الإسلامية المتطرفة الذين يرون فيها فريسة سهلة المنال بسبب مواقعها الجغرافية البعيدة عن العمران.
يضيف رئيس منظمة الإتحاد المصري لحقوق الإنسان أنه قبل الحراسة الأمنية لابد أن يتم تقنين أوضاع الأديرة من الناحية القانونية، فيجب أولا أن يتم الاعتراف بالمساحات التي تدخل في نطاق الأديرة والخرائط المساحية التي توضح حدودها، وكذلك تسجيل كل الأوقاف التابعة لها كل هذه الإجراءات تقلل من الذرائع التي يبررها البعض عند الهجوم والاعتداء على الأديرة.
ويؤكد نجيب جبرائيل أن ما وصلت إليه الأمور في موضوع دير أبو فانا تخطى كل الحدود، بعدما تم خطف ثلاثة من الرهبان والاعتداء عليهم، مشيراً إلى أنه تقدم ببلاغ إلى النائب العام بما حدث موضحا أن المختطفين ضغطوا على الرهبان من أجل إشهار إسلامهم وقاموا بتعذيبهم على أثر رفضهم ذلك.
على الجانب الآخر يرى الباحث والمفكر سامح فوزي فكرة وجود حراسة على الأديرة سلبية للغاية، مشيراً إلى ضرورة التعامل مع الأمور في حجمها الطبيعي، ويقول أن حادث دير أبو فانا مرعب وغير مسبوق، لكن هناك أديرة كثيرة لم تحدث فيها مشاكل مشابهة، والحراسة بصفة عامة لن تمنع الاعتداءات، فحوادث الهجوم على ثلاث كنائس في الإسكندرية في أبريل 2006 وقعت رغم وجود حراس على هذه الكنائس، وحوادث الإرهاب التي حدثت في سيناء على سبيل المثال وقعت رغم الاحتياطات الأمنية الشديدة هناك.
يضيف سامح فوزي أن حادث دير أبو فانا عمل جنائي يستوجب تطبيق القانون بحزم بغض النظر عن أي اعتبارات، لكن لا يجوز التعميم موضحاً أن كثير من الأديرة التي توجد قرب تجمعات سكنية لديها علاقات وثيقة مع المجتمع المحلي مثل أديرة وادي النطرون ودير المحرق، وتأمين الأديرة والكنائس يتعلق بحالة السلام المجتمعي التي تحافظ على الأماكن ذات الطبيعة الدينية، وليس من خلال تشديد الحراسة الأمنية.
ويوضح أنه في حالة وجود تهديدات للكنائس والأديرة بشكل دائم فهذا يتطلب وجود حراسة أمنية، لكن الأوضاع الحالية في مصر لا تستدع ذلك مؤكداً أن بعض الكنائس سبق أن طلبت من قبل برفع الحراسة من عليها لوجود مجرمين أو مسجلين خطر قد يحاولون سرقة أسلحة رجال الأمن.